الدكتور فايز أبو حميدان
كان المنظر في ذلك القسم مرعب للغاية ومحتويات المكان متفرقة وموزعة على أماكن متعددة، وأجهزة طبية متلفة ومواد ملقاه في كل مكان، كان المنظر يشبه لدمار عصفة مرت امام احد مستشفيات الاردن فتركت كل شيء اثر بعد عين، أما الطاقم الطبي فقد هرب حفاظا على أرواحه أو تجنبا للإعتداء والإهانة، ومرضى في الأقسام ينتظرون المساعدة ولكن هروب الكوادر أعاق تأدية الواجب لهم، هذا ما شاهدته في إحدى مؤسسات الدولة والتي تقوم بتقديم عناية إنسانية لمرضى يحتاجون المساعدة.
ملخص الموضوع أهل أحد المرضى يعتقدون حدوث خطأ طبي تجاه أحد أبنائهم مما استفز حفيظتهم فحكموا بأنفسهم بوجود خطأ طبي «معظمهم لا يعلمون في المجال الطبي ولا يعرفون عنه شيء» ، ويعتقدون ان هذا الخطأ الطبي يجب إصلاحه عن طريق الإعتداء على الكوادر الطبية وتدمير الأخضر واليابس في هذه المؤسسة، فهم الآن أصبحوا حكام تشريعيين ومنفذين للقانون بالهراوات والسكاكين، الشيء الوحيد غير المتوفر لديهم هو سجن خاص لإحتجاز موظفي ذلك المستشفى وربما تطبيق عقوبة السجن بحقهم.
إن ما ذكر الآن تم تكراره هذا العام أكثر من 30 مرة حسب إحصاءات رسمية أما موضوع إهانة الكوادر الطبية فحدث ولا حرج فهذا يحدث بشكل يومي وفي جميع المستشفيات والمؤسسات الطبية، حتى موضوع الإنتظار قد ينفجر إلى عراك بالأيدي وربما إلى أكثر من ذلك.
إنني استغرب ما شاهدته يوم الجمعة وجود صف طويل من المواطنين يحملون أطباق مختلفة الألوان والأحجام وينتظرون بكل صبر أمام أحد مطاعم الحمص والفلافل في شارع المدينة المنورة لشراء إفطارهم ففرحت لهذه الظاهرة الحضارية بأن شعبنا على الإستعداد للإنتظار بشكل حضاري من أجل الفلافل، ولكن لا يوجد لديهم طاقة للإنتظار أمام المؤسسات الصحية حتى ولو أن العلاج مجاني.
نحن بلد يتمتع بسمعة طبية ممتازة في المنطقة ونقدم خدمات طبية ليس فقط لأبناء البلد بل للأشقاء العرب من دول الجوار وغيرها.
بل تطور الوضع الآن لإستقطاب مرضى من أوروبا وأمريكا وهذا كله يعود إلى المستوى الأكاديمي الجيد للعاملين في هذا المجال إلى جانب الأسعار المقبولة مقارنة مع الدول الأخرى، وبسبب توفر الأمن والإستقرار في وطننا الحبيب وهذا ما يعترف به الجميع وللذكر أنه لم يتم حتى الآن الإعتداء على الكوادر الطبية من قِبل أجانب أو أشقاء عرببل فقط من قِبل أردنيون.
ويوجد في بلدنا عدد كاف من الأطباء والصيادلة والمعدل يتجاوز حتى الدول الصناعية بل أن عدد الأسرة للمرضى يفوق النسبة المطلوبة منا كبلد عدد سكانه محدود.
نحن نعلم بأن عدم وجود قانون للمسائلة الطبية وحماية حقوق المريض والطبيب في آنٍ واحد يفتح المجال لهذه التجاوزات، ونعلم أيضا بأن تكوين لجان لملاحقة القضايا العالقة والحكم على ما يسمى بالخطأ على أنه مضاعفة طبية عادية أم خطأ طبي ضروري جداً، ويتوجب الإسراع في اتخاذ آليات له واتباع مبدأ الشفافية في التعامل مع المريض.
ان مايحدث يزعزع ثقة المريض الأردني بالجسم الطبي، ويدخل الإرباك للعاملين فيه ويمنع الشباب من الإمتهان في هذا المجال، بل ويؤثر على سمعة الوطن الطبية، فالمجال الطبي السياحي هو احد الموارد الإقتصادية الأساسية في بلدنا.
إنه لمن المطلوب من مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ومجلس النواب الإسراع في اتخاذ القرارات وسن قوانين لإيقاف هذه الظاهرة المشينة والعمل على توجيهات جلالة الملك في تطوير النظام الصحي في الوطن.
ونطلب من الأطباء عدم اعطاء تقارير طبية مزيفة ،إلى المعتدين فهذا تحايل على القانون للضغط على الضحية للتنازل عن حقها، بل يجب معاقبة من يقوم بإستغلال موقعه الطبي في التستر على عمل هؤلاء المجرمين، ونذكره بأنه من المحتمل أن يصبح هو ضحية لهذا التحايل.
ان الاعتداء على الكادر الطبيعمل إجرامي يجب معاقبة الجانيين حسب قانون العقوبات الجنائية، ويجب عدم فتح الباب لحل هذه الإشكالات بشكل عشائري ونناشد الأخوة الوجهاء والذين يساهمون في حل هذه الإشكالات من عدم الإنجراف وراء هؤلاء المتعجرفينويجب ان نتكاتف جميعا لوضع حد لهذه الظاهرة بحق الكوادر الطبية، ونعتبر هذا واجبا وطنيا ودينيا وأخلاقيا لنا جميعا.